#آية_وتدبر_معناها مشروع تدبر آية من كل جزء برعاية شيخنا الفاضل د. ناصر صبره مع بيان (سبب النزول، شرح الكلمات، التفسير الإجمالي، ما يستفاد من الآية) (((الجزء الأول))) آية 26 سورة البقرة:. (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (26) البقرة ج1. . المناسبة: قد يبدو في بادىء النظر عدم التناسب بين مساق الآيات السالفة ومساق هاته الآية، فبينما كانت الآية السابقة ثناء على هذا الكتاب المبين، ووصف حالي المهتدين بهديه والناكبين عن صراطه وبيان إعجازه والتحدي به مع ما تخلل وأعقب ذلك من المواعظ والزواجر النافعة والبيانات البالغة والتمثيلات الرائعة، إذا بالكلام قد جاء يخبر بأن الله تعالى لا يعبأ أن يضرب مثلاً بشيء حقير أو غير حقير، فحقيق بالناظر عند التأمل أن تظهر له المناسبة لهذا الانتقال، ذلك أن الآيات السابقة اشتملت على تحدي البلغاء بأن يأتوا بسورة مثل القرآن، فلما عجزوا عن معارضة النظم سلكوا في المعارضة طريقة الطعن في المعاني فلبسوا على الناس بأن في القرآن من سخيف المعنى ما ينزه عنه كلام الله ليصلوا بذلك إلى إبطال أن يكون القرآن من عند الله بإلقاء الشك في نفوس المؤمنين وبذر الخصيب في تنفير المشركين والمنافقين. . سبب النزول: روى الواحدي في «أسباب النزول» عن ابن عباس أن الله تعالى لما أنزل قوله: {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه} [الحج: 73] وقوله:{مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً }[العنكبوت: 41] قال المشركون أرأيتم أي شيء يصنع بهذا فأنزل الله: { إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها}. وروي عن الحسن وقتادة أن الله لما ذكر الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب بها المثل ضحك اليهود وقالوا ما يشبه أن يكون هذا كلام الله فأنزل الله: { إن الله لا يستحي } الآية. والوجه أن نجمع بين الروايتين بما كان من تعاون وثيق بين يهود وبين المشركين في ذلك الوقت، فيهود أصحاب الشبهة والمشركون هم النقلة. . شرح الكلمات: لا يستحيي: لا يمنعه الحياء من ضرب الأمثال وإن صغرت كالبعوضة أو أصغر منها كجناحها. أن يضرب مثلاً: أن يجعل شيئاً مثلا لآخر يكشف عن صفته وحاله في القبح أو الحسن. ما بعوضة: ما نكرة بمعنى شيء أيّ شيء كان يجعله مثلاً، أو زائدة. وبعوضة المفعول الثاني. والبعوضة واحدة البعوض وهو صغار البق. الحق: الواجب الثبوت الذي يحيل العقل عدم وجوده. الفاسقون: الفسق الخروج عن الطاعة، والفاسقون: هم التاركون لأمر الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح، وبترك الشرك والمعاصي. . التفسير الإجمالي للآية: يقول تعالى في الرد على مزاعم اليهود والمنافقين { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا } أي إِن الله لا يستنكف ولا يمتنع عن أن يضرب أيَّ مثلٍ كان، بأي شيءٍ كان، صغيراً كان أو كبيراً { بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } أي سواء كان هذا المثل بالبعوضة أو بما هو دونها في الحقارة والصغر، فكما لا يستنكف عن خلقها، كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } أما المؤمنون فيعلمون أن الله حق، لا يقول غير الحق، وأن هذا المثل من عند الله { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً }؟ وأما الذين كفروا فيتعجبون ويقولون: ماذا أراد الله من ضرب الأمثال بمثل هذه الأشياء الحقيرة؟ قال تعالى في الرد عليهم { يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً } أي يضل بهذا المثل كثيراً من الكافرين لكفرهم به، ويهدي به كثيراً من المؤمنين لتصديقهم به، فيزيد أولئك ضلالة، وهؤلاء هدىً { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَاسِقِينَ } أي ما يضل بهذا المثل أو بهذا القرآن إِلا الخارجين عن طاعة الله، الجاحدين بآياته. . ما يستفاد من الآية: 1- أن الحياء لا ينبغي أن يمنع من فعل المعروف وقوله والأمر به. 2- يستحسن ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان. 3- اذا أنزل الله خيراً من هدى وغيره ويزداد به المؤمنون هدى وخيراً، ويزداد به الكافرون ضلالاً وشرا، وذلك لاستعداد الفريقين النفسي المختلف.
. د. ناصر الكسواني
Sent from my iPhone
No comments:
Post a Comment