Saturday, January 14, 2017

تفسيرات من سورة المائده/ منقول

(((الجزء السابع))) آية 101، 102 سورة المائدة:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ (102)) سورة المائدة.
.
المناسبة:
في اتِّصال هذه الآية بما قَبْلَها وجوه:
أحدها: أنَّه تعالى لمَّا قال:  {مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ}[المائدة: 99] كأنَّه قال: ما بلَّغَهُ الرَّسُول إلَيْكُم، فَخُذُوهُ وكونوا مُنْقَادِين لَهُ، وما لم يُبَلِّغْهُ إليكم، فلا تسْألوا عنه، ولا تخُوضُوا فيه، فإنَّكُم إنْ خضتم فيما لا تكليف فيه عَلَيْكم، فربَّما جَاءَكُمْ بسبب ذلك الخَوْضِ من التَّكْلِيف ما يَثْقُل عليْكم ويَشُقُّ.
.
وثانيها: أنَّه تعالى لما قال:{مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ}[المائدة: 99] وهذا ادعَاءٌ منهُ للرِّسالةِ، ثُمَّ الكُفَّار كانوا يُطالِبُونَهُ بعدَ ظُهُورِ المُعْجِزَاتِ بمُعْجِزاتٍ أُخَر على سبيلِ التَّعَنُّتِ، كما حَكَى عَنْهُم قولهمُ:{لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُر لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً}[الإسراء: 90]، إلى قوله:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً}[الإسراء: 93]، والمعنى: أنِّي رسولٌ أمِرْتُ بتبْليغِ الشَّرائِعِ والأحْكَام إلَيْكُم، واللَّه تعالى قد أقامَ الدلالة على صِحَّةِ دعْوَى الرِّسالة بإظْهَارِ أنواعٍ كثيرةٍ من المُعْجِزَات، وطلبُ الزِّيادة بَعْدَ ذلك من بابِ التَّعَنُّتِ، وذلك لَيْس في وُسْعِي، ولعلَّ إظْهَارَها يوجبُ ما يَسُوؤكُم، مثل أنَّها لو ظَهَرَتْ فكُلُّ من خالفَ بعد ذلك، اسْتَوْجَبَ العِقَابَ في الدُّنيا، ثُمَّ إنَّ المُسْلمِينَ لمَّا سَمِعُوا مُطالبَةَ الكُفَّار للرَّسُولِ بهذه المُعْجِزَاتِ، وقع في قُلوبِهِم مَيْلٌ إلى ظُهُورها، فَعَرفُوا في هذه الآية أنَّهم لا يَنْبَغِي أن يُطالِبُوا ذلك، فربما كان ظُهُورها يُوجبُ ما يَسُوؤهُم.
.
وثالثها: أنَّ هذا مُتَّصِلٌ بقوله:{وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}[المائدة: 99]، فاتركُوا الأمُورَ على ظَوَاهِرِهَا، ولا تَسْألُوا عن أحْوال مُخِيفَةٍ إنْ تُبْدَ لَكُم تَسُؤكُمْ.
.
سبب النزول:
عن ابن عباس قال: كان قومٌ يسألون النبي صلى الله عليه وسلم استهزاء فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقتِه: أين ناقتي فأنزل الله {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..} الآية.
.
شرح الكلمات:
إن تبد لكم: تظهر لكم تضركم.
عفا الله عنها: سكت عنها فلم يذكرها أو لم يؤاخذكم بها.
سألها قوم: طلبها غيركم من الأمم السابقة.
.
المعنى الإجمالي:
أي لا تسألوا الرسول عن أمور لا حاجة لكم بها إن طهرت لكم ساءتكم قال الزمخشري: أي لا تُكثروا مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسألوه عن تكاليف شاقة عليكم إن أفتاكم بها وكلّفكم إياها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها {وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} أي وإِن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان نزول الوحي تظهر لكم تلك التكاليف التي تسؤكم فلا تسألوا عنها {عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا} أي عفا الله عن مسائلكم السالفة التي لا ضرورة لها وتجاوز عن عقوبتكم الأخروية فلا تعودوا إلى مثلها {وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} أي واسع المغفرة عظيم الفضل والإِحسان ولذلك عفا عنكم ولم يعاجلكم بالعقوبة {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ} أي سأل أمثال هذه المسائل قومٌ قبلكم فلما أعطوها وفُرضت عليهم كفروا بها ولهذا قال {ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ} أي صاروا بتركهم العمل بها كافرين وذلك أن بني إِسرائيل كانوا يستفتون أنبياءهم عن أشياء فإذا أُمروا بها تركوها فهلكوا.
.
ما يستفاد من الآية:
- كراهية الإِلحاف في السؤال والتقعر في الأسئلة والتنطع فيها.
- الاهتمام بالمهمات وترك سفاسف الأمور.
.
د. ناصر الكسواني

No comments:

Post a Comment