الجزء 6 من القرآن العظيم
من سورة المائدة ، قال تعالى :( يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل ما بلَّغت رسالته والله يعصمك من النّاس إن الله لا يهدي القوم الكافرين )( 67 )ـ
يقول الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم باسم الرسالة – يا أيها الرسول – فالأمر خاص بالرسالة وإبلاغها ، فيأمره أن يبلغ جميع ما أنزل إليه من ربه ، وقد امتثل صلوات الله وسلامه عليه ، وقام به على أتم ما يرام ، ولم يكتم منه شيئا كما يدعي بعض الكذابين المعلول دينهم وعقيدتهم في الله ورسوله ، قالت عائشة ( من قال لك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب )ـأورده البخاري في تفسير ذلك هذه الآية
وقد جاء عن ابن عباس عن أبيه العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا قد جاء إليه يقول : إن ناسا يأتونا فيخبرونا إن عندكم شيئا لم يبده رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس ؟ فقال ابن عباس : الم تعلم أن الله تعالى قال : ( يا ايها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) الآية ، والله ما ورثنا عن رسول الله سوداء ولا بيضاء ( يقصد لم يعهد إلينا بشيء )، والذي يثيره المتأولون : هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عهد بالخلافة لعليّ وانكره عليه الصحابة رضوان الله على الجميع
وأورد البخاري أيضا حديث عن أبي حجيفة السوائي قال : قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : هل عندكم من شيء من الوحي مما ليس في القرآن ؟ فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إلا فِهْما يُعطيه الله رجلا في القرآن ، وما في هذه الصحيفة ، قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر
قال البخاري وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبتة يوم عرفة في حجة الوداع ، وقد كان هناك من الصحابة نحو أربعين ألفا ، قال :( أيها الناس إنكم مسؤولون عني ، فما أنتم قائلون ؟) قالوا : نشهد إنك بلّغت وأديْت ونَصَحت ، فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ، ويقول ( اللهم هل بلّغت )؟
وقوله تعالى : ( والله يعصمك من الناس ) اي بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك وناصرك عليهم ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يُحرس أثر هجرته إلى المدينة ، حتى نزلت هذه الآية فقال للناس : ( يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل )ـ
ومما ورد من مظاهر حفظ الله تعالى له ما روى ابن جرير عن أبي هريرة قال : كنا إذا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها ، فينزل تحتها ، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلّق سيفه فيها ، فجاء رجل فأخذه ، فقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الله يمنعني منك ، ضع السيف ) فوضعه ، فأنزل الله عز وجل ( والله يعصمك من الناس ) رواه أبو حاتم في صحيحه
No comments:
Post a Comment